مفهــــوم الشــــغل


مفهوم الشغل Marocain Du 91 1952 - 20080227 الس عليكم ورحم هللا ة وبركاته الم الحمد هلل وكفى وسالم على عباده الذين اصطفى وبعد مرحبا بكم أحبائي في منتداكم منتدى الدراسة و المناهج التعليمية 1 مدخل من الدالالت إلى اإلشكالية غالبا ما يفيد الشغل في التمثل الشائع العمل العضلي والجهد الجسدي الذي بموجبه يحول اإلنسان الطبيعة وهكذا يرتبط مفهوم الشغل في التمثل الشائع بالعمل اليدوي ويقصي العمل الفكري كفاعلية يمكن اعتبارها شغال وفي التمثل المعجمي العربي فإن الشغل يفيد إضافة إلى العمل اليدوي شغل حيز مكاني فيكون بهذا ضد الفراغ حيث نقول مثال quotهذه الطاولة تشغل هذا المكانquot ويفيد الشغل كذلك العمل الفكري خصوصا حينما يصبح الفرد مهووسا بفكرة معينة فيقال مثال quotهذه الفكرة تشغل ذهن هذا الشخصquot بل إن كلمة صناعة في اللغة العربية تنتقل من مستوى الحرفة لتشمل العمل الفكري فيقال مثال صناعة األدب صناعة الحكمة الخ وفي التمثل المعجمي الفرنسي فإن الشغل le travail يفيد كال من العمل الفكري واليدوي وإذا انتقلنا إلى مجال الفلسفة فإن اآلراء المتداولة حول ظاهرة الشغل تنقسم إجماال إلى فلسفات رافضة للشغل باعتباره إقصاء لماهية اإلنسان وفلسفات تعتبر الشغل أساس كل قيمة إنسانية وأخيرا فلسفات تنتقد الشغل دون أن تقصيه من الظواهر اإلنسانية انطالقا من هذا تتولد التساؤالت التالية ما هي طبيعة العالقة بين الشغل وماهية اإلنسان هل الشغل فاعلية تعمل على تحرير اإلنسان وتحقيق ذاته أم أنه يعمل على العكس على استعباد اإلنسان واستالبه 2 الشغل وماهية اإلنسان إن الشغل ظاهرة مرتبطة منذ القديم بتحقيق الحاجات الضرورية في حياة اإلنسان ولكن المجتمعات القديمة كانت تميز بين عمل وآخر فاليونان مثال كانوا يستهجنون العمل اليدوي هكذا كان أفالطون وأرسطوينظران إلى الشغل ويربطانه بالعمل اليدوي ومن ثمة فهو عمل ال يصلح إال للرعاع والعبيد إن العمل اليدوي في نظر فالسفة اليونان يتنافى مع ماهية اإلنسان ألن اإلنسان quotحيوان عاقلquot ومن ثمة تكون الخصوصية األساسية لإلنسان هي التفكير هكذا يكون العبد مجردا من خصوصياته اإلنسانية فأصبح كما يرى أرسطو مجرد آلة ألنه يعوض اآللة التي يحتاج إليها اإلنسان
يمكن القول بأن هذه النظرة القديمة كانت ترجع إلى غياب فلسفات حقيقية في ظاهرة الشغل وذلك إلى أن ظهرت الثورة الصناعية التي أبانت عن قيمة العمل والتصنيع لذا نجد آدم سميث A Smith يؤكد أن الشغل هو أساس كل قيمة تبادلية فقد تبين بعد تقسيم الشغل أن الفرد أصبح في حاجة إلى غيره لينتج له ما ال يستطيع هو إنتاجه كما أن قيمة المنتوج تزداد بكمية المجهود المبذول إلنتاجه فالشغل إذن مثل العملة فهو الثمن الذي يدفعه اإلنسان ليقتني األشياء أو ليعطيها قيمة أما األطروحة الماركسية فإنها تنظر إلى الشغل من وجهين فالشغل هو مجهود جسمي وقوة فزيائية يسخر بهما اإلنسان الطبيعة لنفسه حيث يقول ماركس quotإن العمل الحي يأخذ األشياء ويبعثها من بين األمواتquot كما أن الشغل فاعلية أو نشاط مرتبطة بماهية اإلنسان فبواسطته ينمي اإلنسان مواهبه وملكاته وقدراته وانطالقا من هذا يمكن طرح السؤال التالي هل يمكن اعتبار إنجازات بعض الحيوانات شغال إذا تأملنا ما تقوم به بعض الكائنات الحية يبدو كأنها تشتغل وقد نجدها تضاهي في مهاراتها أمهر الصناع اآلدميين ومع ذلك يرى ماركس أنه ال يمكن اعتبار إنجازاتها شغال ألن الفعل الذي يصدر عنها مجرد سلوك آلي غريزي ونمطي فالشغل إذن ظاهرة إنسانية الرتباطه بالوعي بمعنى أن الشغل معاناة فكرية هو تصميم وتخطيط وتدبير هو إبداع وخلق وابتكار هو سلوك غائي يبحث عن األفضل هو شعور بالمتعة وتحقيق للذات فهو ليس نشاطا معزوال وإنما هو كما قال ماركس مسار تتفاعل فيه ثالثة مكونات الشغل ذاته كفعل لإلنتاج والمادة التي هي موضوع التحويل واألداة التي بواسطتها يحدث فعل اإلنتاج وكنتيجة لهذا يرى الماركسيون أن الشغل خاصية إنسانية بامتياز وهذا ما يدعونا إلى طرح التساؤالت التالية هل استقر الشغل على هذا الوضع هل عمل الشغل عبر التاريخ على تطوير ماهية اإلنسان وتحريره من كل تبعية واستغالل 3 الشغل استالب أم تحرر ترى الماركسية أن الشغل تحول مع ظهور المجتمعات الصناعية إلى ظاهرة تعمل على استالب اإلنسان بدل أن تحرره حيث يؤكد انجلز Engels أن الشغل أصبح عمال إجباريا يعمل على إذالل اإلنسان وإفقاده كرامته وكان ذلك نتيجة لتقسيم العمل حيث أصبح الفرد يشتغل مقابل شيء تافه األجرة ال تربطه به أية عالقة إنسانية بل إن تبسيط الشغل أدى إلى اختزاله في حركة تافهة يكررها العامل دون توقف فتحول الشغل إلى عمل رتيب ومخبل يعمل على تشييء اإلنسان واالنحدار به إلى مصاف الحيوان وهذا اإلحساس باالستالب يظهر كما يقول ماركس من خالل نفور العامل من الشغل حيث يحس داخله بالشقاء والتذمر وانهيار نفسي وإرهاق يمنعه من تطوير طاقاته وتحقيق ذاته وتكون النتيجة الحتمية لهذا وضع عكسي بدل أن يحس اإلنسان بكينونته داخل الشغل أصبح يبحث عن ذاته في أوقات الفراغ في أعمال تعتبر مجرد وظائف حيوانية كاألكل والنوم واإلنجاب إن االستالب في نظر الماركسية ليس إال نتيجة حتمية لالستغالل الناجم بدوره عن الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج
ويقف نيتشه موقف المستغرب من أمثال هذه التحاليل ألنه يرى أن االستغالل أمر طبيعي ألن إرادة القوة كانت دائما هي المتحكمة في أعناق الناس فاإلنسان بطبعه يعمل على هيمنة quotأخالق القوةquot أخالق السادة ومن الطوباوية أن نفكر في مجتمع ينعدم فيه االستالب ألن المجتمعات ال يمكن أن تنسلخ عن أشكال االستغالل إن المساواة وأفكار التحرر ال تكون إال بين األقوياء األنداد وتجدر اإلشارة إلى أن نيتشه يرفض العمل اليدوي ألنه يعتبر شيئا يتنافى مع القيم األرستقراطية التي تعبر عن عدم الحاجة إلى العمل وضرورة االنصراف إلى العمل الفكري والمطالعة وكتابة الرسائل الطويلة وهذا كله من شيم السادة األقوياء إال أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا اإلطار هو أال يمكن لإلنسان أن يتحرر من خالل الشغل وبواسطته ومهما كانت طبيعة العمل الذي يمارسه يرى سارتر أن تقسيم الشغل على الطريقة التايلورية أدى إلى استالب اإلنسان فمن المعروف أن النزعة التايلورية ترى أن المردودية في االقتصاد ال تقوم إال على الزيادة في اإلنتاجية بأقل من الجهد والتكاليف وفي أسرع وقت ممكن ومن ثمة يكون العمل المتسلسل القائم على نظام اآللية النموذج المثالي لتحقيق األهداف االقتصادية لكن هذا في اعتقاد سارتر ال يمنع العامل من التحرر من أشكال االستالب من خالل جدلية العبد والسيد التي أبان هيغل - من خاللها - كيف أن العبد يستطيع أن يحقق ذاته بواسطة الشغل ويجبر السيد بالتالي على االعتراف به فلما أصبح العبد وسيطا بين السيد والطبيعة مكنه ذلك من السيطرة على الطبيعة ومن تبعية السيد له وهذا إدراك أولي لصورة الحرية وإذا كيفنا هذا التمثل مع نموذج العمل المتسلسل يتضح أن جدلية العبد والسيد ال يمكنها أن تتحقق إال إذا تصور العامل الحركة البسيطة التي يقوم بها في بعدها الوظيفي أي في تكاملها مع الحركات التي يقوم بها العمال اآلخرون األمر الذي يدفع بهم إلى أن يتمثلوا أنفسهم كما لو كانوا ذاتا واحدة ومن ثمة يدرك العامل أنه ال يمكنه أن يحقق ذاته بمعزل عن اآلخرين وعلى العامل في ذات الوقت أن يتمثل فرديته كذات يجب بناؤها من الداخل من خالل عملية التكوين المستمر التي ستمكنه من مواكبة تطورات نظام اآللية إال أن السؤال المطروح هنا هو هل يمكن أن يتطور نظام اآللية دون أن يكون على حساب كينونة اإلنسان يرى جورج فريدمان G Friedmann أن نظام اآللية يحتوي على سلبيات أهمها أنه يعرض العامل إلى استالب ذهني وإلى تدهور نفسي بل واستالب اقتصادي من جراء البطالة التي تكون عادة نتيجة حتمية لتعميم اآللية وتطورها كما أن بعض المصالح الفردية قد تؤدي إلى تعميق القطيعة بين العمال ورؤسائهم مما يسبب تدهور العالقات االجتماعية إال أن فريدمان يرى أنه يجب التخلص من تلك النظرة االختزالية والسطحية لنظام اآللية والتي تلخص هذا النظام في السلبيات فقط إن إيجابيات اآللية تفوق بكثير سلبياتها فمن الطوباوية االعتقاد أن العامل يمكن أن يستفيد بشكل مباشر مما ينتجه كما كان األمر معموال به في القرون الوسطى ومن الطوباوية كذلك أن يتحقق اإلنتاج دون التضحية نسبيا بحرية العامل إال أنه من الممكن دائما أن يبحث العامل عن تحقيق ذاته ويحققها خارج المصنع في أوقات الفراغ فيكفي التأكيد على أن نظام اآللية أراح العامل من االستعباد الجسدي الذي
كان يعاني منه من جراء األعمال الشاقة والمضنية كما مكن رجال األعمال من الربح لما يمثله نظام اآللية من اقتصاد في التكاليف إضافة إلى أن نظام اآللية ال يهدد كرامة اإلنسان باعتباره مستهلكا حيث يستطيع كل فرد أن يستجيب لحاجاته الضرورية وينميها نظرا لما سيجده أمامه من وفرة كتخريج عام نقول إن الشغل ظاهرة استأثرت باهتمام الفالسفة والسياسيين والسوسيولوجيين وعلماء االقتصاد وغيرهم ففي الوقت الذي يرتبط فيه الشغل عند البعض باإلنتاجية والتقنية والتصنيع والتقدم والتخلف الخ يرتبط عند آخرين بااللتزام وخلق الذات للذات وخلق الذات لآلخر والرغبة والحرية واالستالب الخ ومهما تعددت األطروحات فإننا ال نستطيع أن نتصور العالم اليوم دون ظاهرة الشغل أو حياة ليس فيها عمل إال إذا كنا طوباويين أو مستغرقين في أحالم اليقظة وكما قال كاراليل quotإنه من الحماقة أن نلعن الشمس ألنها ال تشعل لنا لفائف التبغquot ومن ثمة البد من االعتقاد بالبعد الفلسفي للشغل باعتباره عالقة ميتافزيقية جديدة بين الذات ونفسها بين الذات والمجتمع فإذا كان ديكارت قد قال quotأنا أفكر فأنا إذن موجودquot فإننا يمكن أن نعارضه بهذه الفكرة quotأنا أشتغل إذن أنا موجودquot ألن أبشع أشكال االستالب هو استالب الالشغل أو استالب البطالة فالشغل وحده يستطيع أن يحقق لإلنسان إنسانيته ويضمن له كرامته إننا اليوم نوجد بالقدر الذي نعمل بل األصح أن وجودنا متوقف على الشغل من خالله نستطيع أن نتفاعل مع ذواتنا ومع اآلخرين وهو الكفيل بأن يقيم التصالح بيننا وبين أنفسنا بيننا وبين مجتمعنا
تحميل

DOCX

16905 مشاهدة.

ســفــيـان الكوطـيـط

ســفــيـان الكوطـيـط

مفهــــوم الشـــغل
أرسلت .



كلمات مفتاحية :
مفهــــوم الشــــغل
مفهــــوم الشــــغل bacdoc bac doc dok document cours bacalaureat bacalauréat baccalauréat bacalauréat bacalaureat baccalauréa baccalaurea maroc باك دوك باكدوك دروس بكالوريا باكلوريا باكالوريا المغرب 2014 2015 2016