مفهوم الحق و العدالة


سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik الحق والعدالة تقديم يدل لفظ العدالة في تداوله العام على احترام حقوق الغير والدفاع عنها كما يدل على الخضوع واالمتثال للقوانين وتدل العدالة في معجم الالند على صفة لما هو عادل ويستعمل هذا اللفظ في سياق خاص عند الحديث عن اإلنصاف Equit أو الشرعية lgalit كما يدل لفظ العدالة تارة على الفضيلة األخالقية وتارة على فعل أو قرار مطابق للتشريعات القضائية كما يدل اللفظ فلسفيا على ملكة في النفس تمنع اإلنسان عن الرذائل ويقال بأنها التوسط بين اإلفراط والتفريط هكذا يمكن الحديث عن مستويين في العدالة - مستوى يرتبط بالمؤسسات القانونية والقضائية التي تنظم العالقات بين الناس في الواقع - ومستوى يرتبط بالعدالة كداللة أخالقية وكمثال أخالقي كوني يتطلع الجميع الستلهامه أما فيما يخص مفهوم الحق فيمكن القول بأن له داللتين رئيسيتين - داللة في المجال النظري والمنطقي حيث يعني اليقين والصدق واالستدالل السليم - وداللة في المجال العملي باعتباره قيمة تؤسس للحياة االجتماعية والممارسة العملية لإلنسان وهذه الداللة الثانية هي التي تجعله يتقاطع مع مفهوم العدالة ويتخذ مفهوما الحق والعدالة أبعادا متعددة طبيعية وأخالقية وقانونية وسياسية كما يرتبطا بمجموعة من المفاهيم األخرى كالطبيعة والثقافة واإلنصاف والمساواة وهو األمر الذي سيؤدي إلى إثارة مجموعة من اإلشكاالت سنعالجها من خالل محاور الدرس
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik المحور األول الحق بين الطبيعي والوضعي إشكال المحور هل يتأسس الحق على ما هو طبيعي أم على ما هو وضعي 1 فالسفة الحق الطبيعي حالة الطبيعة كمرجعية لتأسيس الحق حينما نتحدث عن الحق الطبيعي فإننا نتحدث عن مجموع الحقوق التي يجب أن يتمتع بها اإلنسان بحكم طبيعته كإنسان وقد كان رجوع فالسفة الحق الطبيعيكهوبز واسبينوزا وروسو إلى حالة الطبيعة بهدف معرفة الطبيعة اإلنسانية وتأسيس المجتمع انطالقا منها حتى تكون الحقوق والتشريعات عادلة ومناسبة ألصل الطبيعة اإلنسانية وغير متعارضة معها وصحيح أن هؤالء الفالسفة اختلفوا في تصورهم لحالة الطبيعة وألصل اإلنسان إال أنهم يشتركون في مبدإ أساسي هو جعل الطبيعة المفترضة لإلنسان أساسا لكل حقوقه في الحالة المدنية أو االجتماع من هنا فلإلنسان حسب هذا التصور الطبيعي للحق حقوق ال يمكن المساس بها وهي حقوق مطلقة وكونية وإذا أخذنا نموذج هوبز مثال فإننا نجده يعرف حق الطبيعة بأنه الحرية التي تخول لكل إنسان في أن يسلك وفقا لما تمليه عليه طبيعته الخاصة وما يراه نافعا له أما حالة الطبيعة فهي عنده حالة حرب الكل ضد الكل إنها حالة صراع وعنف وفوضى كما تصور هوبز بأن الطبيعة اإلنسانية شريرة وأن اإلنسان ذئب لإلنسان وانطالقا من هذا التصور ارتأى هوبز ضرورة تأسيس الحق في حالة االجتماع على القوة قوة األمير الذي سيفرض نفسه على الجميع ويتنازل له األفراد عن حرياتهم الطبيعية هكذا يتأسس الحق عند هوبز على القوة وعلى ما هو طبيعي ألن أساس الحق عنده نابع من تصوره لطبيعة اإلنسان أما إذا أخذنا نموذج روسو فإننا نجده يختلف مع هوبز في تصوره لحالة الطبيعة ولطبيعة اإلنسان إذ يرى أنها حالة أمن وسالم وأن اإلنسان خير بطبعه لكنه مع ذلك يلتقي معه في رجوعه إلى حالة الطبيعة من أجل البحث عن مرجعية ومرتكز لتأسيس الحق هكذا فمبادئ التعاقد االجتماعي عند روسو تجد ينابيعها األولى في الحقوق الطبيعية لإلنسان من هنا فالحق يجد أساسه عند روسو فيما هو طبيعي أي في مجموع المواصفات التي كانت تميز حياة اإلنسان في الحالة الطبيعية األولى وبخالف هذا التصور الذي يؤسس الحق على تصور معين للطبيعة اإلنسانية يأتي التصور الوضعي الذي يؤسسه على مرتكزات ثقافية ووضعية 2 الموقف الوضعي تأسيس الحق على األوضاع السائدة داخل كل مجتمع ترفض النزعة الوضعية القانونية تأسيس الحق على أية اعتبارات ميتافيزيقية وطبيعية وتؤسسه بخالف ذلك على اعتبارات واقعية وثقافية
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik هكذا يرى هانز كيلسن أحد ممثلي هذه النزعة أنه ال وجود لحق غير الحق الوضعي الفعلي الذي يتحدد انطالقا من اعتبارات واقعية ومن موازين القوى المتصارعة على أرض الواقع وهذا ما يضفي على الحق طابع النسبية والتغير ويجعل من غي الممكن الحديث عنه خارج إطار القوانين المتجسدة في المؤسسات القضائية والتنفيذية التي تفرضه في الواقع وفضال عن هذا يرى كيلسن أن هناك اختالف في المرجعيات السيكولوجية واالجتماعية والثقافية بين الناس مما ينعكس على تصورهم ألساس الحق ويجعل هذا األخير يختلف باختالف المبادئ التي يرتكز عليها وإذا كان الحق ال يتجسد إال من خالل القوانين التي من المفترض أنها وضعت بهدف تحقيق العدالة واإلنصاف والمساواة بين األفراد فإن هذا يثير إشكال العالقة بين الحق والعدالة المحور الثاني العدالة كأساس للحق إشكال المحور كيف تتحدد عالقة الحق بالعدالة وهل يمكن اعتبار العدالة أساسا للحق وهل هناك وجود للحق خارج إطار القوانين التشريعية والقضائية الممثلة للعدالة موقف اسبينوزا قوانين العدالة كتجسيد للحق اعتبر اسبينوزا أن هناك مبدأ تقوم عليه الدولة الديمقراطية وهو تحقيق األمن والسالم لألفراد عن طريق وضع قوانين عقلية تمكن من تجاوز قوانين الشهوة التي هي المصدر األساسي لكل كراهية وفوضى من هنا يتحدث اسبينوزا عن القانون المدني الذي تحدده السلطة العليا والذي يجب على األفراد احترامه للمحافظة على حرياتهم ومصالحهم المشتركة وهذا القانون هو الذي تتجسد من خالله العدالة التي تتمثل في إعطاء كل ذي حق حقه ولهذا يدعو اسبينوزا القضاة المكلفين بتطبيق القانون إلى معاملة الناس بالمساواة واإلنصاف من أجل ضمان حقوق الجميع وعدم التمييز بينهم على أي أساس طبقي أو عرقي أو غيره هكذا يبدو أنه ال يمكن تصور عدالة خارج إطار مبادئ العقل المجسدة في القانون المدني الذي تتكفل الدولة بتطبيقه كما ال يمكن تصور تمتع للناس بحقوقهم خارج قوانين العدالة فالعدالة والحالة هاته هي تجسيد للحق وتحقيق له إذ ال يوجد حق خارج عدالة قوانين الدولة أما خارج هذه القوانين التي يضعها العقل فإننا نكون بإزاء العودة إلى عدالة الطبيعة التي استحال فيها تمتع الجميع بحقوقهم المشروعة في الحرية واألمن واالستقرار لكن أال يمكن أن نعتبر أن الحق يسمو على قوانين العدالة وتشريعاتها القضائية وأن هذه األخيرة قد تكون جائرة وهاضمة للحقوق المشروعة لألفراد معنى ذلك أنه يجب البحث عن أساس آخر للحق غير العدالة وقوانينها
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف شيشرون ال يتجسد الحق دائما من خالل قوانين الشعوب يرى شيشرون أن المؤسسات والقوانين ال يمكن أن تكون أساسا للحق مادام أن هناك قوانينا يضعها الطغاة لخدمة مصالحهم الخاصة وتهضم حقوق بقية الناس ولذلك يجب تأسيس الحق والعدالة تأسيسا عقليا إذ أن الحق الوحيد هو الذي يؤسسه قانون واحد مبني على قواعد العقل السليم الذي يشرع ما يجب فعله وما يجب اجتنابه ومن جهة أخرى يذهب شيشرون إلى القول بأنه quotلن توجد عدالة ما لم توجد طبيعة صانعة للعدالةquot وهذه هي الطبيعة الخيرة التي تتمثل في ميلنا إلى حب الناس الذي هو أساس الحق و quot طالما لم يقم الحق على الطبيعة فإن جميع الفضائل ستتالشىquot هكذا يبدو أن شيشرون يؤسس الحق تأسيسا عقليا وأخالقيا ويعترض على تأسيسه انطالقا من المنافع الخاصة وما هو حاصل على أرض الواقع لكن المشكل الذي تطرحه نظرية شيشرون هو طابعها المثالي إذ أن الناس في الواقع ال تصدر عنهم دائما سلوكات خيرة إما بسبب نزوعاتهم العدوانية كما يرى البعض أو بسبب الصراع حول المصالح كما يرى البعض اآلخر وإذا كان الناس متفاوتين في الواقع بسبب االختالفات الموجودة بينهم في المؤهالت والمزايا والمراتب االجتماعية وغير ذلك فهل يجب أن نطبق عليهم القوانين بالتساوي أم يجب مراعاة روح هذه القوانين إلنصاف كل واحد منهم المحور الثالث العدالة بين المساواة واإلنصاف إشكال المحور هل ينبغي تطبيق العدالة بين الناس بالتساوي بحيث يكون الجميع أمامها سواسية أم يجب إنصاف كل واحد منهم بحسب تميزه عن اآلخرين وبتعبير آخر إذا كانت العدالة تهدف إلى خلق المساواة في المجتمع فهل بإمكانها إنصاف جميع أفراده موقف أالن إميل شارتيي العدالة هي معاملة الناس بالمساواة ال يمكن الحديث حسب أالن عن الحق إال في إطار المساواة بين الناس فالقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية والحق ال يتجسد إال داخل المساواة باعتبارها ذلك الفعل العادل الذي يعامل الناس بالتساوي بغض النظر عن التفاوتات القائمة بينهم وهنا يتحدث أالن عن السعر العادل ويميزه عن سعر الفرصة بحيث أن األول هو المعلن داخل السوق والذي يخضع له الجميع بالتساوي بينما الثاني هو سعر يغيب فيه التكافؤ بين الطرفين كأن يكون أحدهما مخمورا واآلخر واعيا أو يكون أحدهما عالما بقيمة المنتوج واآلخر جاهال بذلك هكذا فالمساواة لن تتحقق حسب أالن إال إذا عرض الباعة لكل الناس نفس السلع وبثمن موحد ومعنى ذلك أن العدالة لن تتحقق إال كانت القوانين الجاري بها العمل تعامل الناس بالمساواة التي هي أساس إحقاق الحق
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik وفي هذا اإلطار يقول أالن quot لقد ابتكر الحق ضد الالمساواة والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية أما أوالئك الذين يقولون إن الالمساواة هي من طبيعة األشياء فهم يقولون قوال بئيساquot ومثل هذا القول quotالبئيسquot هو الذي نعتقد أنه يقول به ماكس شيلر موقف ماكس شيلر المطالبة بالمساواة المطلقة هي عدالة جائرة يذهب ماكس شيلر إلى القول بأن العدالة ال تتمثل في المطالبة بالمساواة المطلقة بين الناس ألنها مساواة جائرة ما دامت ال تراعي الفروق بين األفراد فيما يخص الطبائع والمؤهالت التي يتوفرون عليها فالعدالة المنصفة هي التي تراعي اختالف الناس وتمايز طبائعهم ومؤهالتهم ومن الظلم أن نطالب بالمساواة المطلقة بين جميع الناس ذلك أن وراء هذه المطالبة بالمساواة كراهية وحقد على القيم السامية ورغبة دفينة في خفض مستوى األشخاص المتميزين إلى مستوى األشخاص الذين هم في أسفل السلم هكذا ينتقد ماكس شيلر ما يسميه باألخالقية الحديثة التي تقول بأن جميع الناس متساوون أخالقيا وبالتالي تنفي التفاوتات الموجودة بينهم على مستوى ما يتوفرون عليه من مؤهالت ويرى أن هذه المساواة المطلقة هي فكرة عقالنية نابعة من حقد وكراهية الضعفاء ومن هم في أسفل درجات السلم تجاه األقوياء الذين يمتلكون مؤهالت وقدرات أكثر من غيرهم تجعلهم يتواجدون في أعلى السلم االجتماعي وبدال من هذه األخالق العقالنية التي تنادي بالمساواة الصورية والنظرية يقترح شيلر ما أسماه باألخالق الموضوعية التي تأخذ بعين االعتبار الفوارق بين الناس على أرض الواقع وهنا تكمن العدالة المنصفة التي تحافظ على القيم السامية التي يتمتع بها األشخاص المتفوقون
تحميل

PDF

32302 مشاهدة.

Tarik Hcine

Tarik Hcine

يدل لفظ العدالة في تداوله العام على احترام حقوق الغير والدفاع عنها، كما يدل على الخضوع والامتثال للقوانين. وتدل العدالة في معجم لالاند على صفة لما هو عادل، ويستعمل هذا اللفظ في سياق خاص عند الحديث عن الإنصاف Equité أو الشرعية . légalité كما يدل لفظ العدالة تارة على الفضيلة الأخلاقية، وتارة على فعل أو قرار مطابق للتشريعات القضائية. كما يدل اللفظ فلسفيا على ملكة في النفس تمنع الإنسان عن الرذائل، ويقال بأنها التوسط بين الإفراط والتفريط.
أرسلت .



كلمات مفتاحية :
مفهوم الحق العدالة الطبيعي الوضعي مرجعية هوبز الموقف كيلسن أساس قوانين تجسيد اسبينوزا شيشرون المساواة الإنصاف شارتيي شيلر
مفهوم الحق العدالة الطبيعي الوضعي مرجعية هوبز الموقف كيلسن أساس قوانين تجسيد اسبينوزا شيشرون المساواة الإنصاف شارتيي شيلر bacdoc bac doc dok document cours bacalaureat bacalauréat baccalauréat bacalauréat bacalaureat baccalauréa baccalaurea maroc باك دوك باكدوك دروس بكالوريا باكلوريا باكالوريا المغرب 2014 2015 2016